طالما رغبت في الحديث عن تجربتي مع التداول أو المضاربة كما أحب أن اسميها، والتي بدأت في سنة 2007، كنت حينها في الجامعة شاب في الـ 23 من العمر يدرس ادارة الأعمال ويُطلب من دراسة سوق تداول العملات، كنت حينها أسمع أحاديث أصدقاء أبي عن المال ومن خسر ومن ربح ولكن لم أتخيل يوماً أن يكون حجم السوق المالي بهذه الضخامة وأن يحقق ارباحاُ عالية.
بدايتي في التداول وحلم الثراء السريع
في بداية تجربتي مع التداول كانت هناك فكرة – أعجوبة – تراودني وكانت “سأبدأ في التداول، ساربح الكثير من المال، سأصبح ثرياً خلال عام، نعم إنها فكرة غبية بعض الشيء لشاب متهور لا يعرف أي شيء عن التداول الفعلي سوى أنه مربح يقيم في تركيا.
وبالفعل وضعت ما يعادل 2000$ في البورصة في إحدى شركات التداول المرخصة في تركيا وبدأت تداول أزواج العملات من هنا تداول الأسهم من هناك بشكل عشوائي مع اكبر رافعة مالية ممكنة وبدون أي خبرة مسبقة افتتحت صفقات بشكل عشوائي والمبلغ لم يبقى معي أكثر من أسبوع، لقد خسرت المبلغ كاملاً، ليتلاشى الحلم بلمح البصر.
هل استسلم أم اتابع؟
خسارة 2000$ لطالب جامعي في بلد غريب لم تكن سهلة، جعلتني أتراجع إلى الخلف، أفكر ما الذي حدث، وبدأت في سؤال أصحاب الخبرة، والتعلم من الكتب والمدونات، والبحث عن وسيط تداول موثوق يهتم بتعليم عملائه.
كنت أثق تماماً أن التداول قادر على تحقيق دخل ممتاز لي ولكن في حال تعلمت جيداً، وفي بداية 2009 اخترت وسيط تداول وبدأت في حساب كل خطوة أقوم فيها، ووضعت قواعدها الخاصة التي نظمت وكونت تجربتي في التداول والاستثمار ككل.
قواعدك الخاصة في التداول
لا أحب التداول الاعمى القائم على المجازفات الغير مدروسة والحظ، فهو خاسر دائماً وأظنني تعلمت ذلك الدرس بنفسي، صحيح أنني خسرت عشرات المرات بعدها، ولكن خسائري قد قلت وإليك استراتيجيتي:
- حدد مواعيد التداول بشكل منتظم، ولاني كنت قد بدأت عملي اخترت مواعيد بين الساعة 3 و8 بتوقيت السعودي.
- حدد نوع الأصول التي اريد تداولها، عندما تنتقي السوق الذي ترغب في تداوله ستوفر عليك التشتت.
- أختر نوع التداول، ولاني لم اكن ذو خبرة جيدة اخترت المضاربة اليومية (اسرع، أرباح صغيرة ولكن تعتمد على التكرار والاهم لا فوائد تبييت)
- أدرس السوق جيداً وراقب الاخبار قبل البدء في التداول لتعرف إلى أين عليك النظر في السوق.
- تعامل بحكمة مع الرافعة المالية، وجعل مستوى المخاطرة أقل من 20% دائماً.
أين أنا الآن بعد 20 عام من التداول في السوق المالي؟
خلال أول 10 سنوات من التداول قمت بتنمية رأس المال وإعادة كل الأرباح فيه إلى السوق المالي ولكن عبر استثمارات أخرى، بدأت في التعرف على افضل استراتيجيات الربح من العملات الرقمية – وكانت جديدة حينها قمت بشراء بيتكوين، وقمت بعدها بسنوات بالتعرف على كيفية تداول عقود الإيثر مقابل الفروقات ودخلت عالم الربح السريع بالفعل.
كنت قد سمعت بوارين بافت وقرأت له وتعلمت أنه يجب الاستثمار طويل الاجل في الأسهم كجانب تحوط مالي، يمكن القول اني بدأت ببناء محفظتي الاستثمارية المتكاملة.
بعد 15 عام من التداول يمكن القول أنني بدأت بجني أرباح استثماراتي التي كانت تغذي نفسها وتتزايد حتى قمت بالتقاعد المبكر، واليوم أنا متفرغ بشكل كامل لمراقبة استثماراتي، للتداول في الأسواق العالمية والأهم أنني أقدم بحكم دراستي وخبرتي النصائح كمستشار مالي في واحدة من منصات الوساطة المالية.
وظيفتك الثابتة أو التفرغ للتداول؟
إن سألتني إن كان عليك أن تترك وظيفتك لتحقيق الربح، دعني أخبرك بالانطلاق من تجربتي مع التداول لا يا صديقي، لا تترك عملك قبل أن تحقق الشروط التالية:
- الوقت المتفرغ للتداول بشكل تام، عليك أن توفر وقتاً ثابتاً يومياً وتلتزم بعدد يومي من الصفقات وبنسبة مخاطرة قليلة.
- أن تمتلك الأمان المالي: المقصود هنا أن يصبح رأس مال التداول قادراً على تقديم دخل شهري محترم يكفي للوفاء بكل نفقاتك (مثلاً أن يؤمن لك مبلغ 6000 ريال سعودي) دون المساس برأس المال أو خسارته.
- يُضاف إلى ذلك أن تكون قد استثمرت في افضل الشركات في توزيع الأرباح ولا يضر أن تمتلك استثمار في افضل بنك للادخار في السعودية أو ضمن منطقتك. لتوفر مصادر دخل اضافية وهو ما قمت به انا خلال عشر سنوات من التداول.
عندما تتمكن من تحقيق هذه الأمور تأكد أنك مستعد بالمخاطرة دون أن تحتاج إلى اقتراض المال من أحد، تجربتي مع التداول لم تكن كلها رابحة ولكني كنت دائماً أتعلم من أخطائي، فما هي تجربتك أنت؟